ملخص كتاب شروط النهضة للمفكر مالك بن نبي 2n2k3o

‫ملخص كتاب شروط النھضة للمفكر مالك ﺑن ﻧبي‪ -‬ﺑوقفة رؤوف‬ ‫الخميس‪ ١٠ ،‬مايو ‪٢٠١٢‬‬ ‫إذا طرح سؤال عن مصدر مشاكلنا فسوف تختلف اإلجابة باختالف اختصاص المجيب ‪،‬فھذا يعزوھا للجانب‬ ‫االقتصادي واآلخر يردھا للجانب السياسي وذاك يربطھا بغياب الوازع الديني ‪...‬لكن لو تأملنا كل ھذه األسباب‬ ‫بقليل من التحليل ألرجعناھا كلھا لمصدر واحد وھو الحضارة ألن ) مشكلة كل شعب ھي في جوھرھا مشكلة‬ ‫حضارته‪(.‬‬ ‫ولتجاوز اإلشكاالت الحضارية ال ﺑد من توفير شروط لنھضتنا الحضارية‪ ،‬فما ھي ھذه الشروط؟‬ ‫مصدر الحضارة‪:‬‬ ‫قبل تعداد شروط النھضة الحضارية وجب أن نعرف أوال ما ھو مصدر الحضارة أو بمعنى آخر ما ھو سر‬ ‫االنبعاث الحضاري؟‬ ‫الفكرة الدينية‪:‬‬ ‫منشأ أي حضارة ھو الوحي‪ ،‬حتى ولو كانت حضارة غير دينية أو أن الظاھر فيھا معاداتھا للدين‪ ،‬فإن أي‬ ‫حضارة يكون منطلقھا وتكوينھا ھي الفكرة الدينية ) فالحضارة ال تنبعث –كما ھو مالحظ‪ -‬إال بالعقيدة الدينية‪(.‬‬ ‫مراحل الحضارة‪:‬‬ ‫) يجب أن نعلم أن أي حضارة تقع بين حدين اثنين ‪ :‬الميالد واألفول‪(.‬‬ ‫قبل الميالد تعرف بالفترة الطبيعية أو الفطرية وبعد األفول تعرف بفترة ما بعد الحضارة‬ ‫وبين الميالد واألفول توجد ثالث مراحل وھي مرحلة الروح‪ ،‬ومرحلة العقل ومرحلة الغريزة‪.‬‬ ‫مرحلة قبل الحضارة‪:‬‬ ‫نجد في ھذه المرحلة رجل الفطرة ) ذكر وأنثى( وھو خام مھيأ للتلقي باعتباره نقطة انطالق على أساس انه‬ ‫طاقة كامنة تنتظر من يفعلھا‬ ‫مرحلة الروح‪:‬‬ ‫تكون فيھا الفكرة الدينية في أوج فاعليتھا االجتماعية ‪ ،‬حيث تمارس تقنين الغرائز والشھوات ‪ ،‬ويكون ھذا‬ ‫التقنين وفق نظام الجرعات ) وفي ھذه الحالة يتحرر الفرد جزئيا من قانون الطبيعة المفطور في جسده ‪،‬‬ ‫ويخضع وجوده في كليته إلى المقتضيات الروحية التي طبعتھا الفكرة الدينية في نفسه بحيث يمارس حياته في‬ ‫ھذه الحالة الجديدة حسب قانون الروح‪(.‬‬ ‫وھذه المرحلة بدأت من نزول الوحي على الرسول صلى ﷲ عليه وآله وسلم إلى غاية معركة صفين ‪.‬‬ ‫مرحلة العقل‪:‬‬ ‫في الوقت ذاته عند مواصلة المجتمع الذي أبرزته الفكرة الدينية تطوره وتكتمل شبكته االجتماعية‪ ،‬تنشأ‬ ‫المشاكل المحسوسة لھذا المجتمع الوليد نتيجة توسعه كما تتولد ضرورات جديدة نتيجة اكتماله‬ ‫ھذه المرحلة الجديدة من عمر مجتمع الفكرة الدينية تعرف بمرحلة العقل ) والعقل ال يملك سيطرة الروح على‬ ‫الغرائز فتشرع الغرائز في التحرر من قيودھا ‪ ،‬لكن ليس دفعة واحدة ‪ ،‬إنما بقدر ما تضعف سلطة الروح‪(.‬‬ ‫وھذه المرحلة امتدت من معركة صفين إلى عصر بن خلدون‪.‬‬ ‫مرحلة الغريزة‪:‬‬ ‫في ھذه المرحلة تكتمل الغرائز تحررھا من كل تنظيم وقانون وتوجيه ‪ ،‬حيث تكشف عن وجھھا تماما) وھنا‬ ‫تنتھي الوظيفة االجتماعية للفكرة الدينية التي تصبح عاجزة عن القيام بمھمتھا في مجتمع منحل‪- (.‬‬

‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫مرحلة ما ﺑعد الحضارة ‪:‬‬ ‫يكون اإلنسان فيھا) قد تفسخ حضاريا وسلبت منه الحضارة تماما فيدخل في عھد ما بعد الحضارة‪(.‬‬ ‫وھذا اإلنسان يختلف اختالفا جذريا عن رجل ما قبل الحضارة ألن رجل ما قبل الحضارة مھيأ للشحن ورجل‬ ‫الحضارة مشحون بالطاقة االيجابية أما رجل ما بعد الحضارة فھو رجل مفرغ من الشحن بالطاقة االيجابية‬ ‫لكنه ممتلئ بالطاقة السلبية ‪ ،‬ال تستطيع إعادة شحنه بالطاقة االيجابية حتى تقوم أوال بعملية تفريغ أوال لطاقته‬ ‫السلبية‬ ‫الحضارة والناتج الحضاري‪:‬‬ ‫ﻧستطيع صياغة معادلة الحضارة كالتالي‪:‬‬ ‫ومعادلة الناتج الحضاري ھي‪:‬‬ ‫وألنھما يشتركان في نفس العناصر‪ ،‬يخطئ البعض في االعتقاد أن بقيامه بالناتج الحضاري قد يؤسس‬ ‫لحضارة ‪ ،‬فيعمل على تكديس األشياء وھو يحسب أنه بناء حضارة‬ ‫فإذا أردنا مثال بناء بيت فانه يجب توفير مواد البناء من اسمنت ورمل ولبنات‬ ‫لكن حين نكدس ھذه المواد فوق بعضھا البعض فإننا لن نحصل على بيت رغم أنھا عناصر ضرورية ألجل‬ ‫قيام البيت لكن ليس عن طريق تكديسھا أو تكويمھا بل عن طريق البناء‬ ‫فالعناصر الحضارية الثالثة ‪ ):‬التراب ‪ ،‬اإلنسان والزمن ( تكدسھا ال يعطينا حضارة بل يعطينا شيئية أو‬ ‫مكتسبات الحضارة التي يستطيع المجتمع أن يستغني عنھا في وقت ما‬ ‫وتكديس أكوام من منتجات الحضارة يؤدي إلى الحضارة الشيئية‬ ‫عناصر الحضارة‪:‬‬ ‫تتكون الحضارة من أربعة عناصر وال يتصور قيام أي حضارة في ضل غياب أحدھا‬ ‫ھذه العناصر ھي‪ :‬اإلنسان ‪ ،‬التراب ‪ ،‬الوقت ‪ ،‬المركب الديني‬ ‫العنصر األول ‪ :‬اإلﻧسان‬ ‫االنسانية ال تعاني مشكلة واحدة بل تختلف مشاكل كل إنسان باختالف بيئته ‪ ،‬وبما أننا نتحدث عن شروط‬ ‫نھضتنا فان الذي يعنينا ھنا ھو مشكلة اإلنسان المسلم ومشكلتنا تنبع من الرجل )فمن الرجل تنبع المشكلة‬ ‫اإلنسانية بأكملھا(‬ ‫فيجب أوال أن نصنع رجال‪ ،‬ولصناعة الرجل وجب أن نميز بين رجل البادية ورجل المدينة‪ ،‬فرجل المدينة‬ ‫رجل القليل يرضى بالقليل من األشياء ‪ ،‬حامال بين جوانحه روح الھزيمة )فقد عاش حياته دائما في منحدر‬ ‫المدينة‪ ،‬إذ ھو دائما في منتصف الطريق وفي منتصف فكرة وفي منتصف تطور‪.‬‬ ‫بينما رجل البادية رجل فطرة يرضى من األشياء بالعدم فرجل الفطرة ھو نقطة االنطالق بينما رجل المدينة‬ ‫ھو نقطة التعليق في التطور باعتباره رجل القلة ورجل النصف‬ ‫ولنحل ھذه المشكلة يجب أوال تبيين أن تأثير الفرد في المجتمع يكون بثالثة عناصر بفكره وعمله وماله وحتى‬ ‫نعالج ھذه النواحي الثالثة وجب أن نقوم بتوجيھھا‬ ‫فماذا ﻧقصد ﺑفكرة التوجيه؟‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫فكرة التوجيه‪:‬‬ ‫التوجيه ھو ‪ ):‬قوة في األساس وتوافق في السير ووحدة في الھدف‪ (.‬حتى نتجنب اإلسراف في الجھد وفي‬ ‫الوقت‬ ‫أما العناصر المراد توجيھھا فھي ‪ :‬الثقافة ‪ ،‬العمل ورأس المال‬ ‫توجيه الثقافة‪:‬‬ ‫التحديد الحضاري يكون عن طريق االنفصال واالتصال ‪ ،‬نقصد باالنفصال التخلص من األفكار السلبية وقطع‬ ‫العالئق الفكرية معھا وھذا يكون بالھدم ‪ ،‬واالتصال يمثل االيجابية والتي نعبر عنھا بالبناء و) الحضارة‬ ‫اإلسالمية نفسھا قامت بعملية التحديد ھذه من ناحيتھا السلبية وااليجابية مرة واحدة حيث صدرت فيھما عن‬ ‫القرآن الكريم الذي نفى األفكار الجاھلية البالية ثم رسم طريق الفكرة اإلسالمية الصافية التي تخطط للمستقبل‬ ‫بطريقة ايجابية (‬ ‫وللثقافة عناصر جوھرية تتمثل في‪ -:‬الدستور الخلقي – الذوق الجمالي‪ -‬المنطق العملي‪ -‬الصناعة‪.‬‬ ‫ويتحتم علينا التركيز على التحديد االيجابي لكل عنصر من ھذه العناصر ‪ ،‬كما أنه يستلزم منا ربط الثقافة‬ ‫بالحضارة بحيث تصبح الثقافة نظرية في السلوك‪.‬‬ ‫تعريف الثقافة‪:‬‬ ‫نقصد بالثقافة ھنا ھي‪ :‬مجموع الصفات الخلقية والقيم االجتماعية التي يتلقاھا الفرد منذ والدته‬ ‫وظيفة الثقافة الحضارية‪:‬‬ ‫تتمثل وظيفة الثقافة الحضارية في‪:‬‬ ‫إتقان العلم لجعله ضميرا فعّاال‪ ،‬ال لجعله آلة للرزق وسبيال لتحقيق األطماع‬ ‫عدم حكر الثقافة في طبقة النخبة أو فئة المثقفين ) فھي ال تخص طبقة دون أخرى بل تخص مجتمعنا كله‪(.‬‬ ‫النھضة الحضارية‪:‬‬ ‫حتى ) تعود الثقافة عندنا إلى مستواھا الحقيقي‪،‬يجب أن نحددھا كعامل تاريخي لكي نفھمھا ثم كنظام تربوي‬ ‫تطبيقي لنشرھا بين طبقات المجتمع‪(.‬‬ ‫الثقافة كعامل تاريخي‪:‬‬ ‫ھي كل ما يعطي الحضارة سمتھا الخاصة ويحدد قطبيھا ‪:‬من عقلية ابن خلدون وروحانية الغزالي‪.‬‬ ‫الثقافة كنظام ترﺑوي‪:‬‬ ‫بما )أن الثقافة ليست علما خاصا لطبقة من الشعب دون أخرى ’ بل ھي دستور تتطلبه الحياة العامة ‪ ،‬بجميع ما‬ ‫فيھا من ضروب التفكير والتنوع االجتماعي(‬ ‫)وفي ھذا المركب االجتماعي للثقافة ينحصر برنامجھا التربوي ‪ ،‬وھو يتألف من عناصر أربعة ‪،‬يتخذ منھا‬ ‫الشعب دستورا لحياته المثقفة ‪:‬‬ ‫‪ -١‬عنصر األخالق لتكوين الصالت االجتماعية‬ ‫‪ -٢‬عنصر الجمال العام لتكوين الذوق العام‬ ‫‪ -٣‬منطق عملي لتحديد أشكال النشاط العام‬ ‫‪ -٤‬الفن الموائم لكل نوع من أنواع المجتمع(‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫التوجيه األخالقي‪:‬‬ ‫الھدف من التوجيه األخالقي ھو تحديد وتفعيل ) قوة التماسك الضرورية ألفراد في مجتمع يريد تكوين وحدة‬ ‫تاريخية(‬ ‫وأن قوة التماس الضرورية للمجتمع اإلسالمي موجودة بكل وضوح في اإلسالم‬ ‫اإلسالم المتحرك في عقولنا وسلوكنا والمنبعث في صورة إسالم اجتماعي‬ ‫وقوة التماسك ھذه جديرة بان تؤلف لنا حضارتنا المنشودة‬ ‫‪ -٢‬التوجيه الجمالي‪:‬‬ ‫) ال يمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل ‪،‬فان لمنظرھا القبيح في النفس خياال أقبح ‪ ،‬والمجتمع الذي‬ ‫ينطوي على صورة قبيحة ال بد أن يظھر أثر ھذه الصور في أفكاره وأعماله ومساعيه‪ (.‬والجمال ال يقتصر‬ ‫على الصور الحسية فقط بل يتعداه لألفكار فـ)ان األفكار –بصفتھا روح األعمال التي تعبر عنھا أو تسير‬ ‫بوحيھا‪ -‬انما تتولد من الصور المحسة الموجودة في االطار االجتماعي والتي تنعكس في نفس من يعيش فيه ‪،‬‬ ‫ومن ھنا تصبح صورا معنوية يصدر عنھا تفكيره‪(.‬‬ ‫فالمظھر الجميل قد يعبر عن جوھر جميل ‪،‬كما ان المظھر القبيح قد يعكس جوھر قبيح فـ)الملبس يحكم‬ ‫تصرفات االنسان الى حد بعيد‪(.‬‬ ‫واإلطار الحضاري بكل محتوياته متصل بذوق الجمال ‪،‬بل ان الجمال ھو االطار الذي تتكون فيه أية حضارة‬ ‫ألن الجمال ھو وجه الوطن في العالم ‪،‬فلنحفظ وجھنا لكي نحفظ كرامتنا ونفرض احترامنا على جيراننا الذين‬ ‫ندين لھم باالحترام نفسه‬ ‫‪ -٣‬المنطق العملي‪:‬‬ ‫ونقصد به كيفية ارتباط العمل بواسائله ومعانيه وھو يصدر عن العقل التطبيقي وھو الذي ينقصنا ‪ ،‬فان الذي‬ ‫ينقص المسلم ليس منطق الفكرة ‪ ،‬ولكن منطق العمل والحركة و فھو ال يفكر ليعمل ‪ ،‬بل ليقول كالما مجردا‬ ‫بل أكثر من ذلك فھو أحيانا يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيرا مؤثرا ويقولون كالما منطقيا من شانه أن يتحول‬ ‫في الحال الى عمل ونشاط‬ ‫‪ -٤‬الفن الموائم )الصناعة(‬ ‫كل الفنون والمھن والقدرات وتطبيقات العلوم تدخل في مفھوم الصناعة و ال نتحدث ھنا عن أھميتھا بالنسبة‬ ‫للفرد باعتبارھا وسيلة لكسب رزقه بل نتحدث عنھا بالنسبة للمجتمع كوسيلة للمحافظة على كيانه واستمرار‬ ‫نموه ‪ ،‬لذلك يجب حل مشكلة الصناعة بإنشاء مجلس للتوجيه الفني ليحل نظريا وعمليا المشكلة الخطيرة‬ ‫للتربية المھنية‬ ‫االتجاه الحضاري‪:‬‬ ‫ال تخلو الثقافة من المبدأ األخالقي وال من ذوق الجمال ‪ ،‬فبتمازجھما وتفاعلھما يتحدد طابع الثقافة واتجاه‬ ‫الحضارة ‪ ،‬وبالتالي فاتجاه الحضارة يتحدد طبقا لعالقة المبدأ األخالقي وذوق الجمال في المعادلة الحضارية‬ ‫والتي يمكن أن نصيغھا كالتالي ‪:‬‬ ‫اتجاه الحضارة = مبدأ أخالقي ‪ +‬ذوق جمال‬ ‫ترتيب أحد العنصرين وتغليب نسبته على العنصر اآلخر يغير االتجاه الحضاري‬ ‫ومن ھنا يمكننا تمييز ثالثة اتجاھات حضارية ‪ ،‬اتجاھان متطرفان وھما نقيضان كطرفي العصا ‪ ،‬فإذا غلب‬ ‫الذوق الجمالي على المبدأ األخالقي فان الحضارة تنتھي ) إلى فضيحة حمراء(‬ ‫تجسدھا في الثقافة الغربية تركيز الفن على اإلثارة الجنسية من خالل إبراز مفاتن المرأة العارية‬ ‫أما إذا غلب المبدأ األخالقي على الذوق الجمالي ) تكون حضارة مآلھا التحجر والجمود وتنتھي إلى فضيحة‬ ‫صامتة سوداء تتيه في مجال تصوف متقھقر يقود جنونه مشايخ الطرق‪- -(.‬‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫) وعليه فانه حينما توضع مشكلة توجيه الثقافة ‪،‬فانه يجب مراعاة ھذه االعتبارات جميعھا بحسب ضرورات‬ ‫الحياة ‪ ،‬علما بان العناصر الثقافية موجودة في كل حضارة تواجه ھذه الضرورات غير أن تأثيرھا يختلف في‬ ‫الحياة والتاريخ بحسب ترتيبھا في سلم القيم المصطلح عليه(‬ ‫توجيه العمل‪:‬‬ ‫ألن العمل وحده ھو الذي يخط مصير األشياء في اإلطار االجتماعي فـ)إن الشيء الذي يھمنا في المجتمع‬ ‫الناشئ ھو الناحية التربوية في عملنا ‪،‬ال الناحية الكسبية لذلك فـ)توجيه العمل ھو تأليف كل ھذه الجھود لتغيير‬ ‫وضع اإلنسان وخلق بيئته الجديدة (‬ ‫ويجب أن يكون التوجيه المنھجي للعمل شرطا عاما أوال ثم وسيلة خاصة لكسب الحياة بعد ذلك ثم نكرم اليد‬ ‫التي تمسك بالمبرد و)الفارة(فمنھا ستنبثق المعجزات التي ننتظرھا‬ ‫توجيه رأس المال‪:‬‬ ‫لزم علينا أوال تحديد رأس المال باعتباره آلة اجتماعية تنھض بالتقدم المادي ‪ ،‬ال آلة سياسية في يد فئة‬ ‫رأسمالية وذلك يكون بالتمييز أوال بين الثروة والرأسمال ’ فالثروة مكسب شخصي غير متحرك وغير داخل‬ ‫في الدورة االقتصادية أما الرأسمال فھو في جوھره )المال المتحرك( الذي يتسع مجاله االجتماعي بمقتضى‬ ‫حركته ونموه في محيط أكبر من محيط الفرد لذلك فھمنا األول أن تصبح كل قطعة مالية متحركة متنقلة تخلق‬ ‫معھا العمل والنشاط‬ ‫فالقضية ليست في تكديس الثروة ولكن في تحريك المال وتنشيطه بتوجيه أموال األمة البسيطة وذلك بتحويل‬ ‫معناھا االجتماعي من أموال كاسدة إلى رأس مال متحرك ين ّشط الفكر والعمل والحياة في البالد‬ ‫فالقضية إنما ھي قضية منھاج يحدد لنا تخطيط مناسبا نبني عليه حياتنا االقتصادية‬ ‫ألننا بحاجة إلى تكوين مجلس لتوجيه )الثروة( وتوظيفھا لتتحول إلى )رأسمال( بالمعنى األنف الذكر ولتخطيط‬ ‫أھدافه االقتصادية‬ ‫مشكلة المرأة ‪:‬‬ ‫في حقيقة األمر ال توجد مشكلة تخص المرأة وحدھا ومشكلة الرجل ألن ) المرأة والرجل يكونان الفرد في‬ ‫المجتمع ‪،‬فھي شق الفرد كما أن الرجل شقه اآلخر‪(.‬‬ ‫وبالتالي ليست مشكلة المرأة شيئا نبحثه منفردا عن مشكلة الرجل فھما يشكالن في حقيقتھما مشكلة واحدة ھي‬ ‫مشكلة الفرد في المجتمع‪.‬‬ ‫إال أن المرأة عندنا وقعت ضحية فكرين متطرفين نابعين كالھما من غريزة جنسية واحدة ‪ ،‬وان اختلفت‬ ‫اتجاھاتھما بعد ذلك ‪ ،‬أما الفكر أألول فھو من يدعي تحريرھا ليجعلھا في األخير سلعة لھا ثمن فأصبحت المرأة‬ ‫اليوم بفضلھم ) تلبس اللباس الفتان المثير ‪ ،‬الذي ال يكشف عن معنى األنوثة ‪،‬بل عن عورة األنثى فھو يؤكد‬ ‫المعنى الجسدي الذي يتمسك به مجتمع ساده الغرام باللذة العاجلة‪(.‬‬ ‫أما الفكر الثاني المتطرف فھم دعاة سجن المرأة في البيت فال تخرج إال إلى القبر ‪ ،‬فتجد المرأة في ھذا الفكر)‬ ‫تسرف في ستر جسدھا بشكل شاذ في بعض أنحاء بالدنا معبرة عما يطبع مجتمعاتنا من الميل إلى الركود‬ ‫والتخلف ‪ ،‬وھي من ناحية أخرى تعبر عما يراود نفوسنا أحيانا من رياء ونفاق (‬ ‫وقد يكون في منعھا من الخروج مسوغ خفي مما يستقر في نفس الرجل من دافع جنسي من الخوف على أنثاه‬ ‫أن يشاركه فيھا غيره فھو إذن يدافع عن أنثاه‪.‬‬ ‫وبالتالي)فاألمر يجري في كلتا الحالتين بين تفريط وإفراط ‪ ،‬ومن الواجب أن توضع المرأة ھنا وھناك حيث‬ ‫تؤدي دورھا خادمة للحضارة ‪ ،‬وملھمة الجمال وروح األخالق ‪ ،‬ذلك الدور الذي بعثھا ﷲ فيه أما و زوجة‬ ‫للرجل‪(.‬‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫يجب إذن أن ننظر لمشكالت المرأة باعتبارھا جزء مھم في المجتمع وبالتالي فأي حل لھذه المشكالت يجب أن‬ ‫يكون في صالح المرأة وفي صالح المجتمع ‪ ،‬ال حلول على حساب المجتمع كأن نحرر المرأة تحريرا ينسف‬ ‫المجتمع ويجعله يتفسخ أخالقيا كما ھو حال المرأة في الغرب ‪ ،‬بل نريد أن يكون حضور المرأة فعّال ومؤثرا‬ ‫في المجتمع من أجل بناؤه حضاريا‬ ‫وال يكون ذلك أال بعقد مؤتمر عام تحضره كل الفعاليات من جميع االختصاصات ليكون ھناك إجماع ألن)‬ ‫وسائل حل مشكلة المرأة يجب أن تقرر في مؤتمر عام تصبح مقرراته دستورا لتطور المرأة في العالم‬ ‫اإلسالمي‪(.‬‬ ‫مشكلة الزي‪:‬‬ ‫ليس اللباس من العوامل المادية التي تقر التوازن األخالقي في المجتمع فحسب بل إن له روحه الخاصة به‪...‬‬ ‫ألن اللباس يضفي على صاحبه روحه ومن المشاھد أنه عندما يلبس الشخص لباسا رياضيا فانه يشعر بأن‬ ‫روحا رياضية تسري في جسده ولو كان ضعيف البنية وعندما يلبس لباس العجوز فان أثر ذلك يظھر في‬ ‫مشيته وفي نفسه ولو كان شابا قويا‬ ‫والملبس يسير مع أھله في تطور التاريخ وتبدل األزمان والدول المتقدمة تغير أزياءھا الرسمية حسب تغيرات‬ ‫التاريخ وخاصة بعد النكبات الحربية‬ ‫لذلك يجب أن نجد حل ) لمشكلة الزي المناسب لرجال النھضة ونسائھا(‬ ‫الفنون الجميلة‪:‬‬ ‫تعد الفنون الجميلة سالحا ذو حدين فھي إما وسيلة نتخذھا ألجل بناء المجتمع وتربية أفراده بغرس الوعي‬ ‫الحضاري فيھم لتصبح سلوكياتھم اليومية مبرمجة على ذلك ‪ ،‬أو وسيلة ھدم تبث الفساد وتغذي االنحراف‬ ‫وتھيج غرائز األفراد كالرقص ذو اإليحاءات الجنسية مثال‬ ‫لذلك بمقدورنا أن نجعل من الموسيقى والغناء والسينما تحمل رساالت ذات مضمون حضاري يھدف إلى‬ ‫خدمة المجتمع وعالج مشكالته بتوعيته وتربيته وتھذيب أفراد كما أنه بمقدورنا أن نجعل منھا مضيعة للوقت‬ ‫مفسدة لألخالق‬ ‫كما أنه يجب علينا أن نھتم بھذا الفن ونوجھه التوجيه الحضاري وال يتم ذلك بالمواھب وحدھا بل ببذل الجھد‬ ‫وتوفير اإلمكانات الالزمة ألجل بث الرسالة الحضارية ونشرھا وال يكون ذلك بترك الحبل على الغارب لمن‬ ‫ھب ودب حتى يعبث بالفن بل بوجود ھيئة رقابية ‪،‬تنقي األعمال الفنية وتھتم بالمواھب وتأخذ بيدھا لتقديم فن‬ ‫نبيل‬ ‫العنصر الثاﻧي‪ :‬التراب‬ ‫نتكلم عن التراب من حيث قيمته االجتماعية وھذه القيمة االجتماعية مستمدة من قيمة مالكيه ‪ ،‬فحينما تكون‬ ‫قيمة األمة مرتفعة وحضارتھا متقدمة يكون التراب غالي القيمة‪ ،‬وحيث تكون األمة متخلفة يكون التراب على‬ ‫قدرھا من االنحطاط ‪.‬‬ ‫العنصر الثالث‪ :‬الوقت‬ ‫الوقت أغلى من الذھب )ألن العملة الذھبية يمكن أن تضيع وأن يجدھا المرء بعد ضياعھا ‪ ،‬ولكن ال تستطيع‬ ‫أي قوة في العالم أن تحطم دقيقة وال أن تستعيدھا إذا مضت‪(.‬‬ ‫ومعرفتنا بفكرة الزمن تنحصر في تقسيمه إلى الساعة والدقيقة والثانية وھذا ھو الوقت‪ ،‬أما فكرة الزمن الذي‬ ‫بتحديده يتحدد معنى التأثير واإلنتاج فإننا ال زلنا ال نعرفه‬ ‫وھذه المعرفة ھي التي تنقصنا ‪ ،‬وحتى نتعلمھا ينبغي أن نحدد التجربة المطابقة لمقتضى الحال لكي نعلم‬ ‫المسلم علم الزمن ‪،‬فنعلم الطفل والمرأة والرجل تخصيص نصف ساعة يوميا ألداء واجب معين‪.‬‬ ‫وأن قوة التماس الضرورية للمجتمع اإلسالمي موجودة بكل وضوح في اإلسالم‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫اإلسالم المتحرك في عقولنا وسلوكنا والمنبعث في صورة إسالم اجتماعي‬ ‫وقوة التماسك ھذه جديرة بان تؤلف لنا حضارتنا المنشودة‬ ‫العنصر الراﺑع‪ :‬المركب الديني‬ ‫ھذا العنصر لم يفرد له الكاتب بحث بعينه لكننا نجده في ثنايا كتابه ويراد به الفاعلية االجتماعية للفكرة الدينية‬ ‫باعباره روح الحضارة فالفكرة الدينية ھي مصدر كل حضارة ووقودھا وسر استمراريتھا فان فقدت الفكرة‬ ‫الدينية فاعليتھا االجتماعية انتھت الحضارة‬ ‫االستعمار والشعوب المستعمرة‪:‬‬ ‫تحث الكاتب ھنا عن المعمل االستعماري باعتباره فعل خارجي وعن معامل القابلية لالستعمار كونه معامل‬ ‫باطني في نفسية الشعوب المستعمرة ثم تحدث عن ردت فعل الشعوب المستعمرة تجاه فعل االستعمار وكيفية‬ ‫تكيفھم كالتالي‪:‬‬ ‫المعامل االستعماري‪:‬‬ ‫نقصد بالمعامل االستعماري ما يفرضه المستعمر على حياة الفرد من عامل سلبي ‪ ،‬فيعمل على تھديم جوھر‬ ‫الفرد المستعمر ومحو عبقريته‪.‬‬ ‫اذ يعمد المستعمار على االنتقاص من قيمة المستعمرين وتحطيم قواھم الكامنة فيھم حيث يبدأ الحط من قيمتھم‬ ‫وينفذ خطته بطرق فنية مدروسة‬ ‫فيجد الفرد المستعمر كل األعمال التي تقوم عليھا حياته االجتماعية ال تنالھا يده اال بشق األنفس من خالل‬ ‫شبكة دقيقة مسمومة من األحقاد ‪ ،‬تسلبه كل وسيلة القامة حياته وتنشر من حوله األفكار المحطمة لقيمته‬ ‫والمعرفة لمصالحه فتحيطه بشبكة محمكة ينسجھا خبث المستعمر الداھية‪.‬‬ ‫لكن مع ھذا فان المستعمر قد قدم لنا خدمة من حيث ال يقصد فھو ‪ :‬أيقظ الشعب الذي استسلم لنوم عميق بعد‬ ‫الغداء الدسم الذي أكله عندما كان يزول في نعم حضارته والتاريخ قد عودنا أن كل شعب يستسلم للنوم‪،‬فإن ﷲ‬ ‫يبعث عليه سوطا يوقظه‬ ‫وللتخلص من مشكلة المعامل االستعماري يتحتم علينا بدل المطالبة بالحقوق شأن األحزاب السياسية نقوم‬ ‫بواجباتنا أوال كما فعل غادي في الھند‬ ‫معامل القاﺑلية لالستعمار‪:‬‬ ‫ھو معامل ينبعث من باطن الفرد الذي يقبل على نفسه تلك الصبغة ‪ ،‬والسير في تلك الحدود الضيقة التي‬ ‫رسمھا االستعمار وحدد له فيھا حركاته وافكاره وحياته ‪ ،‬فھو اذن معامل باطني يستجيب للمعامل الخارجي‬ ‫)االستعمار( ويحط من كرامتنا بأيدينا لذلك فبدل من تحميل كل مشاكلنا للمستعمر ‪،‬يجب أن نخرج المستعمر‬ ‫من أنفسنا حتى يخرج من أرضنا‪ ،‬اذ أنه بمقدور الفرد اذا أراد أن ينتصر على الظروف الخارجية ويغير البيئة‬ ‫لصالحه‪ ،‬ما يؤكد ھذا األمر ھو ما وجھه اليھود في الجزائر في ظل حكومة فيشي الموالية أللمانيا حيث )كان‬ ‫أبناؤھم ينبذون من دور التعليم وتجاراتھم تعرقل بمختلف القوانين وكانوا في ھذه الحقبة على وشك أن تصيبھم‬ ‫العوامل التقليدية التي قللت من قيمتنا نحن المسلمين ‪ ،‬غير أنه سرعانما قام اليھود برد الفعل فتكونت مدرسة‬ ‫سرية في كل بيت من بيوتھم يدرس فيھا اساتذة متطوعون فيھم المھندس والطبيب والمحامي ‪ ،‬يتطوعون بال‬ ‫ثمن ‪ ،‬وقد عمروا معابدھم أكثر من ذي قبل ‪ ،‬في حين أن أعمالھم التجارية قد استرسلت في نشاطھا أحسن‬ ‫وأقوى من الماضي بفضل تعاضدھم في الضراءعلى مبدأ الجميع للفرد والفرد للجميع‬ ‫وھكذا أتيح لليھود أن يجتازوا ساعات الخطر ساعين منتصرين عى الرغم مما كانوا يعانون من معوقات‬ ‫خارجية ‪ ،‬سلطت على حياتھم في كل جزئياتھم ‪ ،‬ولقد كان نجاحھم منطقيا فان أنفسھم لم تكن معلولة من‬ ‫باطنھا ولم يكن من معوق داخلي يمسكھم عن التقدم‪ ،‬ويحط من قيمة أنفسھم بأنفسھم‪(.‬‬ ‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬

‫مشكلة التكيف‪:‬‬ ‫ان الظاھرة االستعمارية فعل وكل فرد من افراد الشعوب المستعمرة يقوم برد ‪ ،‬ھذا الرد ھو اتجاه الفرد‬ ‫ونزوعه ال التكيف مع الوسط الذي يعيش فيه‬ ‫كيف نتكيف نحن كأفراد مع الظاھرة االستعمارية حيث تكون ردات أفعالنا ايجابية ال سلبية‬ ‫وال بد من معرفة أن من قوانين التكيف ھو غريزة التشبه واالقتداء أو كما سماھا بن خلدون بولع المغلوب‬ ‫باالقتداء بالغالب فيقتدي بعض الشباب بنجوم الغرب في الملبس وتسريحة الشعر وحلقة األذن والوشم‪...‬‬ ‫كما أن ردت فعلنا يجب أن ال تكون جزئية فنعزو المشكل دوما لسبب وحيد اما اقتصادي أو سياسي أو‬ ‫اجتماعي ونرى الحل دوما متشخصن في رجل وحيد أو شيء وحيد فننتظر رجل يحمل عصا موسى أو لديه‬ ‫خاتم موسى ليخرجنا من أزماتنا فنكتنف عن الواقع وعن العمل وعن سلك مسالك التغيير وننتظر المھدي‬ ‫المنتظر فيصبح حالنا حال الفالح الذي لم يقلب أرضه ولم يحرثھا ولم يزرعھا وھو يأمل بأن يأتي محصوله‬ ‫وافر‬ ‫الخالصة‪:‬‬ ‫كما أن ھناك سنن وقوانين كونية نجد بعضھا في العلوم الطبيعية والتجريدية ‪ ،‬ھناك سنن ونواميس اجتماعية‪،‬‬ ‫ال بد لمن نشد التغيير أن يلم بھا وأن تكون نظرتنا لألمور نظرة شمولية ال جزئية وأن نبسط كل ما نواجھه‬ ‫على طاولة البحث العلمي‬ ‫ومفكري األمة ھم أطباء الحضارة وكما أن الطبيب ال يسرف تركيزه في األعراض الثانوية للمرض ويسرف‬ ‫ھمه عن مصدره الحقيقي فكذلك مفكري األمة ال يحصروا كل ھمھم في الحمى الحضارية وال في الصداع‬ ‫الحضاري ويتركون المرض الحقيقي والعالج القراني الذي جسدته األية الكريمة ‪ ":‬ال يغير ﷲ ما بقوم حتى‬ ‫يغيروا ما بانفسھم‪".‬‬ ‫بوقفة رؤوف‬ ‫‪assala-dz.net‬‬

‫‪--‬‬

‫‪AHZ-16/05/12‬‬