الدراسات المستقبلية و تاريخ الدعوة َ كيتش البوسنوي مير َز ِ أد ِ
العام الجامعي 1430 - 1429هـ
1
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: هذه الدراسة هي محاولة لتقديم رؤية تأصيلية للدراسات المستقبلية ،التي لم ت ُعْ َ ط بعد ُ الهتمام المناسب في أدبيات الفكر السلمي ،في الوقت الذي تبذل فيه مجتمعات ودول أخرى أموال ً وإمكانات هائلة في سبيل صياغة رؤى أفضل لشعوبها في المستقبل. 1 خطة البحث:
الفصل الول :مفهوم الدراسات المستقبلية المبحث المبحث المبحث المبحث المبحث المبحث
الول :الطرق المسلوكة لمعرفة المستقبل الثاني :نشاة الدراسات المستقبلية الثالث :تعريف الدراسات المستقبلية الرابع :تسميات الدراسات المستقبلية الجامس :أنواع الدراسات المستقبلية السادس :أساليب الدراسات المستقبلية
الفصل الثاني :ضوابط للدراسات المستقبلية جهات للدراسات المستقبلّية المبحث الول :ضوابط ومو ّ ما عمو ً
فيه ثمانية المطالب .1 :موافقة الكتاب و السنة .2 ,ملحظة السنن الكونية .3 ,ملحظة السنن و القواعد الشرعية .4 ,أن تكون الدراسة مبنّية على قرائن ودلئل يمكن العتماد عليها, .5عدم الجزم بنتيجة الدراسة .6 ,هل يلزم العمل بنتيجة الدراسة , .7أن الواجبات الشرعّية ل ُتترك ول ُتؤخر ولو كان المستقبل سيًئا, . 8مراعة أدبيات منهج البحث.
صة بالدراسات الستطلعّية المبحث الثاني :ضوابط خا ّ صة بالدراسات المعيارّية المبحث الثالث :ضوابط خا ّ
الفصل الثلث :الدراسات المستقبلية و تاريخ الدعوة المبحث الول :تعريف تاريخ الدعوة المبحث الثاني :العلقة تاريخ الدعوة و الدراسات المستقبلية المبحث الثالث :الدراسات المستقبلية و التخطيط للدعوة 1الستراتيجي لمجلة البيان ...الصدار الرابع 1428هـ 2007 -م . صفحة .5 2
الفصل الول :مفهوم الدراسات المستقبلية من قواعد العقيدة السلمّية وأصولها التي أجمع عليها المسلمون ن الله سبحانه وتعالى استأثر بعلم الغيب دون خلقه ،فل يعلم أ ّ الغيب أحد سواه ،فهو المنفرد بذلك وحده .والغيب الذي تفّرد س ،ول بالتجربة والمقايسة ، به الله بعلمه هو ما ل ُيدرك بالح ّ س بعض البشر ويدركه بعضهم ، فإ ّ ن من الشياء ما يغيب عن ح ّ ومنه ما يغيب عن الحس وُيدرك بالعقل ،كالعلم بحصول الكسوف والخسوف ونحوهما مما ُيستنبط من استقراء السنن الكونية ،فهذا ليس من علم الغيب -مع غيابه عن الحس -لّنه ي أو المقّيد . يمكن إدراكه ،وهو ما يس ّ مى بالغيب النسب ّ ي وليس قطعّيا ؛ لجواز تخلف مع أ ّ ن الدراك المستقبلي ظن ّ ّ السباب ،أو الخطأ في التقدير مثل ً ،ولذا ل يجزم به النسان ، قال في فتح الباري ) » : ( 13/365إن لبعض الغيوب أسباًبا قد ُيسَتد ّ ل بها عليها لكن ليس ذلك حقيقّيا « . وما يقع في المستقبل مما ل يرتبط بالتجربة والمقايسة ونحوها من الغيب الذي ل يعلمه إل الله تعالى .1 ولن نستطيع -بطبيعة الحال هذا البحث -أن نوفي الموضوع حقه ،ولكن نرجو أن نوفق بإذن الله تعالى إلى أن نعطي فكرة عنه بحيث يكون هذا دافعا ً لمن يريد المزيد من البحث ،فإن أول ما تظهر العمال العظيمة أول ما يكون ذلك هو الفكر ،ثم يأتي الهتمام ثم يكون العمل ،وهذا ما نرجو أن يكون . 2
1الستراتيجي لمجلة البيان ...الصدار الرابع 1428هـ 2007 -م . صفحة .47 2المسلمون ودراسات المستقبل ,الدكتور سفر الحوالي , http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=1101
3
المبحث الول :الطرق المسلوكة لمعرفة المستقبل وقد سعت فئات كثيرة من البشر -على مر العصور -إلى البحث عن طرق تساعدها لتنبؤ أحداث المستقبل لغراض عديدة ،فلجأ دعون معرفة غيب المستقبل .ورغم البعض إلى الكهنة الذين ي ّ معارضة هذه المنهجية للدين السلمي فما زالت بعض وسائل إعلم تنقل الخبار المبنية على التنجيم وقراءة البراج والفلك وغيرها ،مغررين بذلك النسان القلق الذي يسعى لطمأنة ذاته، ولو كان ذلك عن طريق الدجل والشعوذة. أما في الوساط العلمية ،فقد كان العقل البشري المفكر حتى العهد القريب يعتمد اعتمادا ً أساسي ّا ً على منهجية التنبؤ العلمي، وهو أسلوب إحصائي )رياضي( يتخذه المحللون لستقراء المستقبل بأكثر دقة ممكنة على افتراض أن المستقبل سيمثل امتدادا ً لحداث الماضي. ومع القرار باستحالة صدق مثل هذه الجتهادات الحصائية التي تفرز تنبؤات مستقبلية محددة ،ول سيما في عصر بات يشهد تغيرات عديدة وتقلبات مفاجئة على مختلف الصعدة ،لم يلبث المخططون المعاصرون أن يتخلوا عن فكرة التنبؤ بمعناه النبوئي الضيق ،وأصبح جل تركيزهم ينصب على محاولة التعرف على الحتمالت المختلفة )أي البدائل المستقبلية( التي قد تنطوي عليها التطورات المستقبلية. لو استعرضنا تطبيقات الدراسات المستقبلية في عالمنا العربي فسنلحظ قلة عددها من جهة ،وضعف مساهمتها في التأثير على التخطيط الستراتيجي من جهة أخرى؛ ففي حين تمنح عدة جامعات غربية درجة الدكتوراه في تخصص الدراسات المستقبلية فشلت مناهجنا العربية في إعطاء مثل هذه التخصصات الهتمام المطلوب. ل نزال نشكو من قلة عدد المختصين في مجال الدراسات المستقبلية وانعدام الثقافة المستقبلية في أغلب مجتمعاتنا ،وهنا تكمن أهمية تكثيف عقد المؤتمرات والدورات التدريبية . سئل العالم الشهير ألبرت آينشتاين ذات مرة :لماذا وُيروى أنه ُ ما بالمستقبل؟ فرد قائ ً ل :ببساطة ،لننا ذاهبون إلى تبدي اهتما ً 1 هناك! ولقد تنوعت مصادر التعرف على المستقبل واستكشافه إلى أنواع وطرق متعددة ،بعضها غير صحيح كالعتماد على الكتب السابقة ،والنجوم وسيرها ،والكتب مل ،أو الرؤى والمنامات ،وطريق آخر هو القديمة ،وحساب ال ُ ج ّ 1
ياسر الصالح ,الجزيرة ,العدد ,13281السبت 12صفر 1430هـ. 4
الطريق المقطوع بصحته ،وهو كتاب الله تعالى ،وسّنة رسوله صلى الله عليه وسلم .1 الطرق المسلوكة لمعرفة المستقبل تنوعت مصادر التعرف على المستقبل واستكشافه التي ب حصرها وتعدادها ، سلكها البشر إلى أنواع وطرق متعددة يصعُ ُ إل أننا يمكننا أن نفرزها باعتبار صحة الستدلل بها ،وسلمة استعمالها لبلوغ المقصود منها ،إلى طريقين إجماليين : 2
ول الطريق ال ّ العتماد على الطرق غير الصحيحة العتماد على الطرق غير الصحيحة وهي الطرق غير المشروعة ،والتي ل يظهر لها ارتباط بالدراك المحسوس أو المعقول ،بل مبناها على الحدس والتخمين ،أو استعمال الجن ونحو ذلك .ومنها : ن الكتب السابقة ، - 1العتماد على الكتب السابقة :فإ ّ وإن كانت مأخوذة عن دلوا وكذبوا حّرفوا وب َ ّ ن أهل الكتاب َ النبياء ؛ فمن المعلوم قطًعا أ ّ ن رسول الله صلى وكتموا .فعن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ الله عليه وسلم قال » :ل تصدقوا أهل الكتاب ول تكذبوهم ، وقولوا :آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم « .3 - 2العتماد على النجوم وسيرها في معرفة ما يكون في سا ،ونحو المستقبل مما يتعلق بالنسان حياة وموًتا وسع ً دا ونح ً ذلك .عن ابن عباس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم » :من اقتبس شعبة من النجوم ،فقد ة من السحر ،زاد ما زاد « .4 اقتبس شعب ً منها - 3العتماد على الكتب القديمة المزعوم تض ّ لعلم الغيب أو لشفرات تد ّ ل عليه ،وكذلك الحاديث الضعيفة والباطلة ؛ كالجداول والجفر والجامعة ،وغيرها من الكتب التي 1الستراتيجي لمجلة البيان ...الصدار الرابع 1428هـ 2007 -م . صفحة .41 2من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية د .هاني الجبير, مجلة البيان ,كتاب البيان ,108 الرياض 1429 ,هـ. 3خ. ( 7362 ) : 4سنن أبي داود ) ، ( 3905سنن ابن ماجه ) ، ( 3726مسند أحمد ) ، ( 1/277وإسناده صحيح . 5
دعي أصحابها أنها تضمنت خبر ما سيكون إلى قيام الساعة ، ي ّ صراحة أو ترميًزا . - 4العتماد على الرؤى والمنامات :وهي طرق قد ُتستعمل لستشراف المستقبل ،وهي وإن كانت قد يقبل بها مبدئّيا ،لكن ل يسّلم بها واقًعا ؛ لما يرد عليها من الحتمالت ، قا ولما قد يعرض في تعبيرها من تخليطات ،ولذا فليست طري ً يعتمد عليه .1
1الموافقات في اصول الشريعة ,إبراهيم بن موسى الشاطبي ,مكتبة الرياض الحديثة ) . ( 2/457 6
الطريق الثاني الطريق المقطوع بصحته وهو ما جاء في كتاب الله تعالى وسّنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ،فمن رحمة الله تعالى بعباده أن أوحى إلى نبّيه بخبر ما ُيحتاج إليه مما سيكون .والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمور المستقبل شيء كثير .وقد نقل الصحابة إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك . فمن ذلك ما رواه عمرو بن أخطب النصاري رضي الله عنه ما الفجـر ، قال » :صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يو ً وصعد على المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ،فنزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ،ثم نزل فصلى ،ثم صعد المنبر حتى غربت الشمس ،فأخبرنا بما كان ،وبما هو منا أحف ُ ظنا «.1 كائن إلى يوم القيامة فأعل ُ وهذه الخبار الواردة عن نبينا عليه الصلة والسلم بالسانيد الصحيحة مصدر نؤمن بصدقه وصحته لمعرفة الغيب واستشراف المستقبل ،لكنه خاضع في فهمه لقواعد فهم النصوص الشرعية ،ل لتلعب الهواء والظنون .2 المبحث الثاني :نشاة الدراسات المستقبلية تقدم انفا أن النسان فتن عبر تاريخه الطويل بالتطع إلي المستقبل ,و قد تطور ذالك التطع إلي المستقبل للتطلع بأخذ منحي علمي لهو إذ قدم الفلسفة تصورات مستقبلية في بعض كتاباتهم مثل فرانسين بيكون ) 1626م( في كتابه ) أطلمطا الجديدة ( حيث يطرح رؤية مستقبل العالم من خلل تصوره لمجتمع جديد يعتمد علي العلم ,و قدم فيه إشارات عن مخترعات علمية جاءت بعد ذالك بزمن طويل.3 و قدمت في هذا المجال المتعلق باستكشاف حية الجيل المقبلة و همومها ,عدة كتابات ,كما وضعت عدة روايات تمثل تصورات مستقبلية مثل :حول العالم في ثمانين يوما ,و رحلة من الرض إلي القمر.4 1م: 2من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية د .هاني الجبير ,ص .14 3نحو علم لدراسات المستقبل ,ثناء العاصي ,ص .118 4المرجع السابق. ) . ( 2892
7
و في النصف الثاني من القرن العشرين الميلدي ,و نتيجة لتغير العالم حولنا بتسارع لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري ,ويشمل هذا التغير كل أوجه الحياة النسانية القتصادية والجتماعية والفكرية بل وحتى النفسية ,و إشتد التنافس بين المجتمعات ,ظهرت بدايات لدراسة المستقبل علي أسس خاصة و كانت تهدف للسيطرة علي الصور الممكنة للمستقبل .1 و من أول هذه الكتابات كتابات هيرمان بعنوان )2000 م( ,و جورج راسل بعنوان ) ماذا يكون إنسان بعد ذالك؟ ( ,و جورج سول بعنوان ) صورة الغد (. و هذه و غيرها وضعت الرضية التمهيدية لهذه الدراسات علي أساس الطابع العلمي .2 و بمرور الوقت تزايد الهتمام بهذه الدراسات فتحولت من مجرد فروض و اجتهدات فكرية إلي جهود علمية منظمة, حتي أنشئت من أجلها معاهد و مؤسسات علمية. فعلي سبيل مثال :بلغ عدد المؤسسات و الجمعيات و المعاهد المتخصصة في الوليات المتحدة عام 1967م )(600 ستمائة مؤسسة .3 و يوجد في مكتبة الكونجرس المريكي حتي عام 1984م اكثر من ) (15000خمس عشرة ألف دراسة حول المستقبل. و مجموعة المقررات الدراسية المتخصصة في دراسة المستقبل في المدارس و الجامعات المركية حولي 415مقررا دراسيا ,و منحت جامعة ليدز البريطانية أول درجة ماجستير في الدراسات المستقبلية عام 1998م .4 و قد تأخر العالم السلمي في هذا المجال فلم يعرف فيه هذا النوع من الدراسات إل قبل ثلثين عاما تقريبا .5 و من أوائل المحاولت :ما قامت به مجموعة التخطيط طويل المدي للبلدان العربية في القاهرة التي نشأت عام 1974 م.
1الطريق إلي اكتشاف المستقبل ,مقال في مجلة )المستقبلية( ,العدد الول ,ص .213 2نحو علم لدراسات المستقبل ,ص .118 3من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .24 4نحو علم لدراسات المستقبل ,ص .123 5مدخل إلى الدراسات المستقبلية في العلوم السياسية ,تأليف :وليد عبد الحي ,الناشر :المركز العلمي للدراسات السياسية تاريخ النشر,2002 : ص .9 8
و في عام 1975م خرج كتاب )الوطن العلبي عام و النماء العربية .6 (2000عن مؤسسة المشاريع
6
من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .25 9
المبحث الثالث :تعريف الدراسات المستقبلية
)
(Future Studies ونحتاج لتعريف الدراسات المستقبلية إلى تحليل مفرداته أوّل ً ، ثم تعريفه جملة بعد ذلك . 1 فالدراسة :هي فهم الشيء ،وتعاهده حتى يسهل ويتمّهد . والمستقبل :هو ما واجهك ،فما تستقبله من أيام هو مستقبلك ؛ لنك تواجهه . 2ويسمى كل ما يأتي من الزمان : بالمستقبل .3 وقد عّرفت هذه الدراسات بعدة تعريفات تدور حول كونها : محاولة للتنّبؤ بما ستكون عليه حالة المجتمع النساني ،ومصير النسان فيه ،عن طريق دراسة الماضي ونتاج الحاضر ، والظواهر والبدائل الممكنة .وعرفت بأنها :مجموعة من الدراسات والبحوث التي تهدف إلى تحديد اتجاهات الحداث ،وتحليل مختلف المتغيرات التي يمكن أن تؤثر في إيجاد هذه التجاهات ،أو حركة مسارها .4 عرفت بأنها :اجتهاد علمي من ّ ظم ،يرمي إلى صوغ و ُ مجموعة من التنّبؤات المشروطة ،والتي تشمل المعالم الرئيسـة لوضاع مجتمع ،أو مجموعة من المجتمعات ،وعبر ما ،وتنطلق من بعض فترةٍ مقبلة تمتد قليل ً لبعد من عشرين عا ً الفتراضات حول الماضي والحاضر ،ولستكشاف أثر دخول عناصر مستقبلّية على المجتمع ،ونوعية وحجم التغيرات الساسية الواجب حدوثها في مجتمع ما ،حتى يتش ّ كل مستقبله على نحو معّين منشود .5 وقد عّرفها معجم أكسفورد الموجز على أّنها :التكّهن صة من منطلق التجاهات الحالّية في م َ ال ُ مْنهج للمستقبل ،وخا ّ المجتمع . المبحث الرابع :تسميات الدراسات المستقبلية 1لسان العرب ) ، ( 6/79المعجم الوسيط ) . ( 1/279 2معجم مقاييس الّلغة ) ، ( 5/51لسان العرب ) . ( 11/545 3المنجد ،ص . 948 4الدراسات المستقبليةو د .طارق عامر ،ص ,29و من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .41 5صور المستقبل العربي للدكتور إبراهيم سعد الدين وآخرون ،مركز دراسات الوحدة العربية ،ص . 25 10
لما كانت بداية هذه الدراسات غير عربّية فإنها ُترجمت بعدة ترجمات تحاول أن تأتي باللفظ المعّبر عن المراد بدقة . والسم الذي شاع لهذه الدراسات في اللغة النجليزية هو ) : ( Futurologyوترجمتها النصّية :علم المستقبل ,و )Studying the (Futureوترجمتها :دراسة المستقبل ,و ) (Futurismوترجمتها: المستقبلية. وقد انتقد بعض الباحثين تسميته بالعلم ،كما انتقد ترجمة هذا الفن إلى الدراسات المستقبلّية ،وبّين تعدد المصطلحات العربّية الدالة على هذا المفهوم ،كاستشراف المستقبل ،وكالدراسات 1 وف المستقبل ،ورؤية المستقبل ،وصنع الرتيادّية ،وتش ّ المستقبل . وحاول بعض الباحثين أن يجعل الدراسة المستقبلّية على مراحل ،ويطلق على كل مرحلة منها لقًبا من اللقاب السابقة ؛ أخ ً ذا من دللته اللغوية .2 ومهما يكن فإن تسمية هذا النوع من البحوث بالدراسات المستقبلّية صار من أشهر اللقاب عليه ،ول يرد عليه محظور إطلق العلم على ما ل يمكن العلم به قطًعا . أما الدراسات و البحوث العربية فقد انتشرت ثلثة أسماء هي: علم المستقبل ,الدراسات المستقبلية ,استشراف المستقبل , المستقبلية .3 المبحث الخامس :أنواع الدراسات المستقبلية
الستشراف أداة قوية تساعدنا وتساعد مؤسساتنا على تخطيط مستقبل أفضل .إن أي إنسان تقريبا ً يستطيع أن يستفيد من تعلم مهارات الستشراف وآفاقه. يمّيز الباحثون في مجال الدراسات المستقبلّية بين ثلث صور من المستقبل :مستقبل متوّقع ،ومستقبل ممكن ،ومستقبل مرغوب فيه .و الدراسات المستقبلية تنقسم إلي: 1مفهوم وموضوع مصطلح المستقبلّية ،للدكتور محمد بريش ،مجّلة المستقبل العربي ،عدد 44؛ وندوة الدراسة المصطلحّية والعلوم السلمية ) . ( 2/718 2الدراسات المستقبلية وخصائص المنهج السلمي ،مقال بمجلةّ المستقبلية ،العدد 2ص . 36 3من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .35 11
.1دراسات استكشافّية ،أو الستطلعّية . الدراسات الستكشافّية :تهدف إلي محاولة معرفة صورة المستقبل المتوقع و المستقبل الممكن .وهو يمّثل البدائل التي يمكن حصولها في المستقبل في خل معين. حال تد ّ .2و دراسات استهدافّية أو معيارّية ,تهدف إلي بيان المصير الذي تأمل المة أن تصير إليه بعد إحداث تغيرات في ظروف الواقع و معطياتعه.1
1المرجع السابق ,ص .41 12
المبحث السادس :أساليب 1الدراسات المستقبلية دمة في الدراسات ويمكن حصر أهم التقنيات المستخ َ المستقبلية في : استبيان ) ديلفي ( ، Delphiواستطلعات الرأي ،والمسوح الميدانية . المنهجيات الحصائية :كالستقراء ،والنحدار ،والرتباط ،والتباين . 2 التحليل المقارن ،والسيناريوهات . نماذج المحاكاة والمناظرات ،وحلقات النقاش ..وغيرهامن آليات يناميكية المجموعة . Techniques Dynamics Group النمذجة ،والنظم الديناميكية ) ( systems Dynamicتوضح كيف يتفاعل عدد كبير من المتغيرات مع بعضها البعض عبر الزمن . التخطيط قصير ،ومتوسط ،وطويل الجل . ) : ( Trees Relevanceوهو أسلوب لستعراض تسلسلالحداث وتحديد الموقف اليوم ،وما يمكن أن يكون عليه في المستقبل . الخيال العلمي ) : ( Fiction Scienceويقوم على أساسالسرد لما يمكن أن يحدث في المستقبل الجتماعي ،أو على الساحة العالمية ؛ على أساس سيناريو 3 محدد يتم فيه التفاعل بين الشخصيات المختلفة وتلك الحداث .
1أو تقنيات الدراسات المستقبلية. 2السيناريو :وصف لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه ، مع توضيح لملمح المسار أو المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى هذا الوضع المستقبلي ،ويتم ذلك انطلًقا من الوضع الراهن أو من وضع ابتدائي مفترض. 3التقرير الستراتيجي لمجلة البيان ...الصدار الرابع 1428هـ 2007 -م ...صفحة .73 13
الفصل الثاني :ضوابط للدراسات المستقبلية إن الدراسات المستقبلّية علم حديث ،وهو مع حداثته ة غربّية ،في إطار ثقافة صيغت صياغ ً ينضوي تحت العلوم التي ِ الغرب العلمانية ،ولجل أن تحقق المة المصلحة من هذا العلم ور الذي ينسجم فل بد أن ُتصاغ هذه الدراسات على أساس التص ّ مع هوّية المة وتطلعاتها ،كما ل بد أن تنضبط بضوابط الشريعة السلمية . والقاعدة الشرعية أن الحق والحكمة يؤخذان أين وجدا » ، فليس في السلم معاداة ٌ للواقـع ،أو محاولة للبدء من نقطة ج واقعي ،يعتمد ن المنهج السلمي الحضاريّ منه ٌ الصفر ،لذا فإ ّ ة في الستفادة على ما أنجزه الخرون ،والسلم ل يجد غضاض ً من جهود الخرين ،وما يتفق مع أساليبه وأدواته وتطلعاته وأصالته الفريدة التي تتبنى كل ما هو خير ،وتقلع عن كل ما فيه دمار وشر .وأسلمة حصاد الغرب والشرق أفضل من البدء من ن هذا سيمّثل تواصل ً مع العصر ،ويتجاوز نقطة الصفر ؛ ل ّ 1 المرحلة البدائية « ،ما دام أنه غير متعارض مع عقيدة السلم ومنهجه .2 في الوراق القادمة عرض لجمع ضوابط وًرا لبعض ما ينبغي التنّبه له عند ومو ّ جهات ،أو تص ّ ور الشرعي من إعداد الدراسات المستقبلّية وفق التص ّ خلل ثلث مجموعات من الضوابط. ما أول ً :ضوابط ومو ّ جهات للدراسات المستقبلّية عمو ً وهي ضوابط تشمل جميع أنواع الدراسات المستقبلّية ، سواء منها الستطلعّية أو المعيارّية . صة بالدراسات الستطلعّية ثانًيا :ضوابط خا ّ جهات لكل وهي ضوابط تضاف لما سبق من ضوابط ومو ّ أنواع الدراسات المستقبلّية . صة بالدراسات المعيارّية ثالًثا :ضوابط خا ّ
1تأملت في منهج المستقبلّية السلمية ،د وهبة الزحيلي المستقبلّية ) /1 .( 159 2التقرير الستراتيجي لمجلة البيان ...الصدار الرابع 1428هـ 2007 -م ...صفحة .74 14
وهي المتعّلقة بالمستقبل المأمول ،وهذه الضوابط تضاف مة :3 لما سبق من ضوابط عا ّ
3
من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .64 15
جهات للدراسات المبحث الول :ضوابط ومو ّ ما المستقبلّية عمو ً وهي ضوابط تشمل جميع أنواع الدراسات المستقبلّية ، سواء منها الستطلعّية أو المعيارّية . المطلب الول :موافقة الكتاب و السنة معني النضباط بهما أن تتسق معطيات الدراسة مع ما تطلبه الدلة الشرعية . و من أمثلة انضباط معطيات الدراسة بالكتاب و السنة أن تراعي الدراسة المعيارية ضرورة قيام المة بدورها في نشر عقيدة التوحيد و مبادئ الحق و الفضيلة لن هذا جزء من دورها المطلوب منها و هو المر بالمعروف و النهي عن المنكر .قال ْ ُ تعاليُ : ن ة أُ ْ م َ م ٍ مُرو َ ر َ ج ْ س ت َأ ُ خي َْر أ ّ كنت ُ ْ خ ِ ت ِللّنا ِ وت ُ ْ ه ) ...آل ن َ ن ِبالل ّ ِ ؤ ِ مُنو َ و َ عُرو ِ م ْ وت َن ْ َ ن ال ْ ُ ِبال ْ َ ر َ ه ْ ف َ منك َ ِ ع ِ عمران.1 (110 : المطلب الثاني :موافقة السنن الكونية ) من حكمة الله تعالى أن أجرى الكون والحياة النسانّية على سنن ونواميس تتمّثل في قوانين م ّ طردة تجعل الحداث دمة . مرتبطة ببعضها ارتباط مسبب بسبب أو نتيجةٍ بمق ّ وإذا كان النسان لم يستطع أن يحقق صور الستثمار الكثيرة -التي حققها -في مجال الكون إل بمعرفته بالسنن التي فطر الله الكون عليها -كقوانين الحركة والضوء ونحـوها -مما ارتقى بحياته المادّية إلى آفاق لم تخطر على بال السابقين ؛ وكذلك فإّنه لن يرتقي بحياته النسانية والحضارّية إل بتعّرفه على السنن التي أجرى الله عليها حركة الحياة البشرّية من أجل أن يستثمرها ،ويحسن التعامل معها لتستقيم حياته ( . 2 ولذا فقد أمر الله تعالى بالنظر والتف ّ كر في مسيرة الماضين - وهذا تنبيه على وجود السنن الكونّية -وعدم انخرامها ،قال تعالى : َ ف قَد ْ َ ض َفانظ ُُروا ك َي ْ َ ن فَ ِ ت ِ م ُ من قَب ْل ِك ُ ْ خل َ ْ سن َ ٌ سيُروا ِفي الْر ِ َ ن ) آل عمران ( 137 : ن َ عاقِب َ ُ كا َ ة ال ُ مك َذ ِّبي َ َ ف َ وقال تعالى :قُ ْ ة ن َ عاقِب َ ُ ض َفانظ ُُروا ك َي ْ َ ل ِ كا َ سيُروا ِفي الْر ِ من قَب ْ ُ ل ) الروم(42 : ن ِ ال ّ ِ ذي َ 1المرجع السابق ,ص .65 2حقيقة فقه الواقع ،مطبوع ضمن ندوة :نحو فقه سديد لواقع أمتنا المعاصر ) (1/338الدكتور عبد الرحمن الزنيدي . 16
قال ابن القيم رحمه الله ) :وبالجملة فالقرآن من أّوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر ،والحكام الكونّية قه في هذه المسألة ،وتأملها والمرّية على السباب .. ،ومن تف ّ حق التأمل انتفع بها غاية النفع ،ولم يّتكل على القـدر جهل ً منه وعجـًزا وتفري ً طا وإضاعة ،فيكون توكله عجًزا وعجزه توكل ً ،بل الفقيه كل الفقيه الذي يرد القدر بالقـدر ،ويدفع القدر بالقدر ، ويعارض القدر بالقدر ..لكن يبقى عليه أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير ،ويكـون له بصيرة في ذلك ؛ بما شهده في العالم ما وما جّربه في نفسه وغيره ،وما سمعه من أخبار المم قدي ً وحديًثا ( .1 فعلي دارس المستقبل أن يتأمل هذه السنن الكونية التي تحكم الحياة البشرية و يخضع دراسته لها واعيا بالنتائج الحتملة المرتبعة علي كل اختيار حسبما جرت به السنن . 2 المطلب الثالث :ملحظة السنن و القواعد الشرعية فقد جاءت النصوص الشرعّية مبينة قوانين ونواميس وقواعد في حياة البشر ؛ يجب اعتمادها في كل دراسة مستقبلية دا أساسّيا في كل نتيجة ،كما يجب أن ُتجعل ثوابت الشرع ُبع ً .يتوصل إليها فإن السنن الشرعية التي تحمل الصدق المطلق ل بد أن ُتعتبر وُتلحظ ،بل وأن ُتجعل المعيار الذي ُيقاس به صدق استنباط .الباحثين للسنن الربانية يقول ابن القيم في بقية كلم نقلت بعضه قريًبا ) :ومن أنفع ذلك تدّبر القرآن ؛فإّنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه ،وفيه صلة مبّينة ،ثم السّنة فإّنها شقيقة أسباب الخير والشر جميًعا مف ّ من صرف إليهما عنايته اكتفى القرآن ،وهي الوحي الثاني ،و َ بهما عن غيرهما ،وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما حتى َ ملت أخبار المم وأّيام الله في أهل طاعته تعاين ذلك ،فإذا تأ ّ سّنة ،ورأيته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمته من القرآن وال ّ بتفاصيل ما أخبر الله به ووعد به ،وعلمت من آياته في الفاق ن الله ينجز حقّ ،وأ ّ ن الرسول َ حقّ وأ ّ ن القرآن َ ما يدلك على أ ّ وعده ل محالة ،فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما ع َّرفنا الله ورسوله ) 3 .من السباب الكلّية للخير والشر 1الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ،ص . 14 2حول التاصيل السلمي للعلوم الجتماعية ,محمد قطب ,لناشر :دار الشروق تاريخ النش ,1998 ,ص .92 3الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ،ص . 14 17
وإن من أمثلة السنن الشرعية المتعّلقة بما نحن فيه :ما يلي مة إل إذا 1 - أّنه ل يمكن حدوث تغيير في أوضاع المة العا ّ .حدث تغّير في أفرادها أنه ل يتم الستخلف في الرض والتمكين للسلم 2 - .وحصول المن إل بتحقيق العبودية لله على الوجه المطلوب - 3أن عاقبة الظلم ونهايته :الهلك . استشراء النحراف والبعد عن منهج الله تعالى نتيجته 4 - .عقوبة وفساد في الرض أن غزو الجانب للبلد ودخولهم إليها يدمر أخلقها 5 - ، .ويقلب أوضاعها الجتماعية أن عداء اليهود والنصارى للمسلمين ل يتغّير ما داموا 6 - .على دينهم ن النصر ل يأتي إل بعد البتلء 7 - .الصل أ ّ ل بد من بقاء جماعةٍ من المسلمين على الحق 8 - ، .مستمرين على جهاد أعدائهم ،ينتصرون عليهم في كل زمن ف النصُر للمتمسكين 9 - ل والظرو ِ أن العاقبة في كل الحوا ِ خر ذلك .بشرع الله تعالى ،ولو تأ ّ المطلب الرابع :أن تكون الدراسة مبنّية على قرائن ودلئل يمكن العتماد عليها وذلك أنها بدون ذلك تكون محض خيال ل اعتبار به ،وقد قيل : هم .قال الشاطبي ) :الجتهاد في الشريعة ضربان : ل عبرة بالتو ّ عا ،والثاني :غير المعتبر ،وهو الصادر أحدهما :المعتبر شر ً من ليس بعارف بما يفتقر الجتهاد إليه ؛ لن حقيقته أّنه رأي ع ّ بمجرد التشّهي والغراض ،وخبط في عماية ،واتباع للهوى ، فكل رأي صدر على هذا الوجه فل مرية في عدم اعتباره ؛ لّنه َ ح ُ كم ب َي ْن َُهم نا ْ ضد الحق الذي أنزل الله ،كما قال تعالى :وَأ ِ َ ما َأنَز َ م واَءهُ ْ ل الل ّ ُ بِ َ ه وَل َ ت َت ّب ِعْ أهْ َ 1 )المائدة. ( 49 : فإذا أريد قياس ومعرفة مدى قبول دراسة أو رأي فإنه ُينظر إلى ما استند إليه ،وما استمد ّ منه ،فإن كان دليل ً معتبًرا وإل فل ُيعبأ به .
1
الموافقات ) . ( 4/167 18
مق في ومن أهم ما ُيعتنى به :التثّبت من الواقع والتع ّ فهمه ،وهذا يمكن إفراده ضاب ً طا مستقل ّ لهميته ،لكنه مندرج في أدلة الدراسة ،وهو مما ل بد من توافره فيها .2
2
من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .71 19
المطلب الخامس :عدم الجزم بنتيجة الدراسة وهذا مت َّبع في كل أمرٍ ل نص للشرع فيه ،ول إجماع قطعي . فالباحث عليه أن يستند لما يعضد رأيه من دلئل وقرائن وبينات ، ما الجزم بنتيجتها فل يكون في غير القطعيات المأمور بالجزم أ ّ بها .أما الطرق الظنية كدراسات المستقبل فإنها وإن جاز استعمالها ،إل أنه ل يجزم بنتيجتها ؛ لئل يخالف المقطوع به من عدم إدراك الغيب . ضا ل يسوغ ويقرب من هذا أّنه لكونه دليل ً ظنّيا فإنه -أي ً اللزام به ،فكل رأي لم يستند لقاطع في الشريعة فإنه ل يسوغ لقائله أن يستبد به ويحتكر الصواب ،بل الخطأ عليه وارد والخلف سائغ ،ولهذا مزيد بيان فيما يلي . 1 المطلب السادس :هل يلزم العمل بنتيجة الدراسة مة ، الدراسة المستقبلية إّنما تو ّ جه لهل الحل والعقد في ال ّ مة .وعليه فإن من وللقوى الفاعلة في المجتمع ،ول توجه للعا ّ يقرأ الدراسة وي ّ هل للقتناع بما تضمنته ،أو طلع على نتائجها مؤ ّ معارضته بما يقتنع به . وإذا اقتنع -من تقع عليه ت َب َِعة الخذ بالدراسة -بنتيجتها ،أو غلب على ظنه صحتها ،فإنه يلزمه العمل على وفقها ؛ لّنه قد غلب على ظّنه صدقها ،والنسان مطالب بالعمل وفق غلبة ظّنه ،ولو ترك ذلك لكان تار ً كا لما يجب عليه . وأما إن لم يقتنع بها ؛ لوجود ما يعارضها معارضة تمنعه من الخذ بها ،أو تجعلها محل شك لديه ،فهذا ل حرج عليه في عدم العمل بنتيجة الدراسة ؛ لنها قد قام في مقابلها ما يمنع اعتبارها ظّنا يطالب بالعمل على وفقه ،كما أّنه سيترك اجتهاده لجتهاد غيره ،وهذا غير سائغ . ي صلى الله عليه صة غزوة أحد ،فإ ّ ويدل على ذلك ق ّ ن النب ّ ن بقاءه في المدينة خير له ،خرج وسلم مع أّنه استشرف أ ّ لقتال المشركين ؛ لنه قد قام في مقابل استشرافه رأي أهل َ المشورة ،الذين ُأمر بالستعانة برأيهم وَ َ ر م ِفي ال ْ شاوِْرهُ ْ م ِ ) آل عمران . ( 159 : فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ) :رأيت كأني في درع حصينة ،ورأيت بقًرا ن الدرع الحصينة :المدينة ،وأن البقر هو والله منحرة ،فأّولت أ ّ خْير .قال فقال لصحابه :لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا َ دخل علينا فيها في فيها قاتلناهم .فقالوا :يا رسول الله والله ما ُ 1
المرجع السابق ,ص .76 20
الجاهلّية ،فكيف ُيدخل علينا فيها في السلم ؟ فقال :شأنكم إ ً ذا ،قال :فلبس لمته .قال :فقالت النصار :رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه ،فجاءوا فقالوا :يا نبي الله شأنك إ ً ذا .فقال :إنه ليس لنبي إذا لبس لمته أن يضعها 1 حتى يقاتل ( . وإن توقف فلم يغلب على ظّنه شيء ،فلعل القرب أّنه ل يلزمه العمل بنتيجة الدراسة ،ومبنى ذلك أن الصل إناطة الحكم التكليفي بالوجود ،وبغلبة الظن وكلهما معدوم .قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ) :وأصول الشريعة كلها مستقّرة ن الحتياط ليس بواجب ول محرم ( . 2 على أ ّ المطلب السابع :أن الواجبات الشرعّية ل ُتترك ول ُتؤخر ولو كان المستقبل سيًئا مطالب بما أوجب الله عليه ،مأمور بما جاء في فالمسلم ُ الشرع إيجاًبا أو ندًبا ،سواء كان ينتظر نتيجة لعمله ،أو كان المستقبل ل يدعو لمثل هذا العمل .وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ) :إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ،فإن استطاع أن ل يقوم حتى يغرسها ،فليغرسها ( . 3 ن من الواجب على المسلم أن يدافع قدر الله تعالى وإ ّ بقدره ،فإن عمل السباب ل يعارض القدر بل هو منه .فعندما خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام ،فُأخبر أن الوباء قد وقع بأرض الشام ،فأجمع أمره على أن يرجع بالناس ،ول يقدمهم حوا صب ِ ُ على الوباء ونادى في الناس ) :إني مصّبح على ظهر فأ ْ عليه .قال له أبو عبيدة بن الجراح :أفراًرا من قدر الله ؟ قال عمر :نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ( . 4فإن تحقق مراده ُ عا . مَر به شر ً كوًنا ،وإل فقد حقق ما أ ِ المطلب الثامن :مراعة أدبيات منهج البحث جا يتضمن قواعد للبحث والملحظة ن لكل علم ودراسة منه ً فإ ّ والستنتاج ،ل بد لكل باحث أن يراعيها ،ما لم يكن فيها محظور .ولدراسات المستقبل جملة من قواعد البحث يعرفها 1مسند أحمد ) ، ( 3/351قال الهيثمي في مجمع الزوائد ) : ( 6/107 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . 2مجموع الفتاوى ) . ( 25/100 3مسند أحمد ) ، ( 3/183الدب المفرد للبخاري ) ، ( 479بسند صحيح ، السلسلة الصحيحة ) . ( 9 4خ ، ( 5729 ) :م. ( 2219 ) : 21
صون ل بد من مراعاتها ؛ لتكون النتائج مقبولة في ضوء المخت ّ هذا النوع من الدراسة .ومن أبرزها :الشمول ،والنظرة الكلّية للمور ،وتفادي الفراط في التبسيط والتجريد للظواهر مق في فهم ما ُيؤخذ به الواقع من علقات ، المدروسة ،والتع ّ 1 والحيادّية ،وعدم النحياز والمزج بين الساليب والمزاوجة بينها ، والرصد الجّيد للماضي والحاضر باتجاهاته وتجاربه .3 , 2 صة بالدراسات الستطلعّية المبحث الثاني :ضوابط خا ّ جهات لكل أنواع وهي ضوابط تضاف لما سبق من ضوابط ومو ّ الدراسات المستقبلّية : خُلق فاضل - 1التفاؤل :فالتفاؤل وترك اليأس ُ يستصحبه المسلم حتى في أحلك الظروف ؛ لّنه من إحسان ن بالله تعالى الذي جعل مع العسر يسًرا . الظ ّ جهات الدراسات الستطلعّية ،فيبقى في والتفاؤل من مو ّ الدراسة -مهما كانت الظروف -مكان للتفاؤل بحسن العاقبة ، والستبشار بنصر الله تعالى ووعده الصادق ،مع إعطاء هذا ما أو أمنية التفاؤل حظه الذي ل يبالغ فيه حتى يتحول حل ً مجردة . صة بالدراسات المعيارّية المبحث الثالث :ضوابط خا ّ وهي المتعّلقة بالمستقبل المأمول ،وهذه الضوابط تضاف مة : لما سبق من ضوابط عا ّ - 1العدل والحسان :أمر الله تعالى بالعدل والحسان فقال :إن الل ّ ْ قْرَبى وَي َن َْهى ن وَِإيَتاِء ِذي ال ُ ل َوال ِ ْ ِ ّ ح َ ه ي َأ ُ َ سا ِ مُر ِبال ْعَد ْ ِ ّ َ ُ ْ ْ ح َ ن ) النحل : ن ال َ م ت َذ َك ُّرو َ ف ْ م لعَلك ُ ْ ي ي َعِظك ُ ْ شاِء َوال ُ منك َرِ َوالب َغْ ِ عَ ِ ، ( 90فالعدل :هو القسط والموازنة ،والحسان :أحسن من ذلك وفوقه . ولت المستقبلّية :فعند - 2عقلنية التعامل مع التح ّ ول صياغة المستقبل المأمول ل بد أن يراعى أن يكون التح ّ جا متواكًبا مع سنن الله تعالى الكونية ،مبنّيا على إدراك متدر ً مستوى الواقع ومفرزات ظروفه ،والمدة اللزمة لتجاوزها ،وإل صار ضرًبا من الخيال والماني المجردة .ومن تأمل تدرج 1 2 3
العرب والعالم د .علي هلل وآخرون ،ص . 374 الدراسات المستقبلية د .طارق عامر ،ص . 127 من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية ,ص .83 22
التشريع في أنواع من الواجبات والمحرمات تبّين له أن ملحظة جه النبي صلى الله هذه العقلنية في التغيّير ل بد منها .وقد و ّ عليه وسلم إلى مراعاة ذلك فقال ) :مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع سنين ،واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم 1 في المضاجع (
الفصل الثلث :الدراسات المستقبلية و تاريخ الدعوة
إذا نظرنا في تاريخ الدعوة وجدنا أنها كانت تسير ضمن عملية إدارية محكمة ،بلغت في تخطيطها وتنظيمها وتربيتها للسلوك النساني ذروتها. وكما أن الدعوة السلمية مطالبة بدراسة التجارب التي مرت بها عبر القرون للستفادة منها بحكمة ,فكذلك هي مطالبة أيضا ً بالستفادة بكل مايعينها لتحقيق هدفها .2 فمثل ً عندما نتحدث عن إدارة الوقت من الناحية النظرية ، فإنا نقوم خللها بتحديد العمال المطلوبة وترتيبها في قائمة حسب الولوية والهمية ،وتحديد وقت لكل مهمة ومراجعة وتحديث القائمة باستمرار ،ثم تقييم ماتم إنجازه حسب الوقت المخصص لكل مهمة ودقة النجاز وعمل التعديل اللزم ..إلى غير ذلك من التوجيهات الخاصة بإدارة وتنظيم الوقت. وإذا تصورنا هذه التوجيهات من الناحية العملية ،نجد أننا فعل ً نقوم بمثل هذا التخطيط للوقت بصورة غير مباشرة ،فتجد أنك تلقائيا ً وقبل شروعك في إنجاز مهمة ما تفكر ذهنيا ً وبسرعة متى يجب عليك النطلق ،وكيف؟ ومع من؟ وأي طريق ستسلك؟ ،وأثناء الطريـق ستفكر ماذا ستفعل عند وصولك وإلى أين ستذهب بعد ذلك. كل جهاز دعوي على اختلف مستوياته لبد له من الستفادة من علم التخطيط 3مبني علي المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية بعد دراسة التجارب التي مرت بها الدعوة السلمية عبر القرون أي بعد دراسة تاريخ الدعوة . 1سنن أبي داود ) ( 495و قال اللباني حسن صيع ,صحيح سنن أبي داود، سنن الترمذي ) . ( 407 2أهمية مبادئ الدارة في الدعوة ,بقلم :نبيل بن جعفر الفيصل, .www.aldawah.net 3المرجع السابق ,بتصرف. 23
منهجية التخطيط لنشر الدعوة قد تكون بحاجة إلى مراجعات وإلى إضافات يفرضها واقع العصر الذي كثرت متغيراته العلمية والقتصادية والتقنية ،وماكان بالمس من الوسائل والطرائق صالحا ً قد يكون غير مجد ٍ اليوم فقد تعددت صور الفساد وأصبح أهل الشر والزيغ يبتكرون في طرائق الترويج لمنكراتهم بل ويقدمون الدراسات التي تعزز من إمكاناتهم في التوسع والتمدد الفكري قبل التمدد الجغرافي .1
1
الدعوة ومنهجية التخطيط ,ماجد بن محمد الجهني,
. http://www.saaid.net/arabic/majed/78.htm
24
المبحث الول :تعريف تاريخ الدعوة التاريخ في اللغة : التاريخ في اللغة التــوقيت ،يقــال أرخ لكــذا أي وقـت لـه كمــا قال في اللســان ،قــال الــرازي") :التاريــخ" و"التوريــخ" ،تعريــف الوقت .تقول :أرخ الكتاب بيوم كذا ،و"ورخه" بمعنى واحد .( 1 واصطلحا : علم يبحث فيه عن الزمان وأحواله ،والحوادث وتوقيتها وآثارها . يذهب البعض إلى أن التاريخ ليس هو الحوادث وإنما هو تفسير هذه الحوادث ،والهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع شتاتها ،وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات ،متفاعلة الجزئيات ،ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان .2 تعريف تاريخ الدعوة : يقصد بتاريخ الدعوة :الوقوف على قصة اليمان على ظهر الرض وتاريخ الصراع بين الحق والباطل .3 علــم يبحــث فــي مســارات الــدعوة وجهــود الــدعاة والمصــلحين والتيارات الفكرية السائدة في مجتمع ما. تاريخ الدعوة يتضمن :مسار الدعوة ،المنجزات ،تقصير الدعاة وتخاذلهم ،المناوؤن لدعوة الحق ،كيد أعداء السلم .
المبحث الثاني :العلقة تاريخ الدعوة و الدراسات المستقبلية
1 2 3
مذكرة تاريخ الدعوة ,أ.د .عبد الرب نواب الدين. المرجع السابق. تاريخ الدعوة :جمعة علي الخولي ,مطابع الجامة السلمية. 1/11 , 25
وكما أن الدعوة السلمية مطالبة بدراسة تاريخ الدعوة و التجارب التي مرت بها عبر القرون للستفادة منها بحكمة , 1 فكذلك هي مطالبة أيضا ً بالستفادة بكل مايعينها لتحقيق هدفها . و له شاهد من السّنة: عن تميم الداري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى َ ما ب َل َغَ الل ّي ْ ُ ن هَ َ ل َوالن َّهاُر وََل مُر َ ذا اْل ْ الله عليه وسلم يقول ) :ل َي َب ْل ُغَ ّ ي َت ُْر ُ ه هَ َ زيزٍ أ َْو مد َرٍ وََل وَب َرٍ إ ِّل أ َد ْ َ ذا ال ّ ه الل ّ ُ خل َ ُ ت َ ه ب َي ْ َ ك الل ّ ُ دي َ ن ب ِعِّز ع َ ِ م وَذ ُّل ي ُذ ِ ّ ب ِذ ُ ّ ر ( .2 ه ب ِهِ ال ْك ُ ْ ل ِ سَل َ ه ب ِهِ اْل ِ ْ ل الل ّ ُ عّزا ي ُعِّز الل ّ ُ ف َ ل ذ َِلي ٍ َ ت َقا َ ل َ ه ن َ ه ع َل َي ْ ِ شك َوَْنا إ َِلى َر ُ صّلى الل ّ ُ ن اْلَر ّ ل الل ّهِ َ خّبا ِ سو ِ عَ ْ ب بْ ِ َ ه ِفي ظ ِ ّ صُر ل ََنا ست َن ْ ِ ه أَل ت َ ْ مت َوَ ّ وَ َ ل ال ْك َعْب َةِ قُل َْنا ل َ ُ سد ٌ ب ُْرد َة ً ل َ ُ م وَهُوَ ُ سل ّ َ لَ ): ج ُ ه ل ََنا َقا َ ه ِفي ح َ أ ََل ت َد ْ ُ م يُ ْ ن الّر ُ كا َ فُر ل َ ُ ن قَب ْل َك ُ ْ ل ِفي َ عو الل ّ َ م ْ ْ جعَ ُ سهِ فَي ُ َ من ْ َ ق اْل َْر ضعُ ع ََلى َرأ ِ جاُء ِبال ْ ِ شارِ فَُيو َ ل ِفيهِ فَي ُ َ ض فَي ُ ْ ش ّ ِ ش ُ َ صد ّه ُ ذ َل ِ َ م َ م َ ن ح ِ شا ِ دو َ ما ُ ط ال ْ َ ديد ِ َ ط ب ِأ ْ ن ِدين ِهِ وَي ُ ْ ن وَ َ ما ي َ ُ ك عَ ْ ِباث ْن َت َي ْ ِ َ صد ّه ُ ذ َل ِ َ ن مه ِ ِ ح ِ لَ ْ ن ِدين ِهِ َوالل ّهِ ل َي ُت ِ ّ ب وَ َ ما ي َ ُ ص ٍ ن ع َظ ْم ٍ أوْ ع َ َ م ّ ك عَ ْ م ْ َ هَ َ ف ت َل ي َ َ خا ُ ب ِ حّتى ي َ ِ ح ْ صن َْعاَء إ َِلى َ سيَر الّراك ِ ُ مَر َ موْ َ ضَر َ ذا اْل ْ ن َ م ْ َ 3 ن( . ب ع ََلى غ َن َ ِ جُلو َ ه أوْ الذ ّئ ْ َ م تَ ْ ست َعْ ِ مهِ وَل َك ِن ّك ُ ْ إ ِّل الل ّ َ الدراسات المستقبلية من دروس تاريخ الدعوة : عَ َ َ ّ ه ه ع َلي ْ ِ ن أِبي هَُري َْرة َ َر ِ صّلى الل ُ ه ع َن ْ ُ ي الل ّ ُ ي َ ن الن ّب ِ ّ ه عَ ْ ض َ ْ ةَ َ ُ قت َت ِ َ م َقا َ م ْ حّتى ي َ ْ ل ل تَ ُ قت َل ٌ ساع َ ُ ن فَي َكو َ ة َ قو ُ م ال ّ وَ َ ما َ ن ب َي ْن َهُ َ سل ّ َ ل فِئ ََتا ِ ن حد َة ٌ وََل ت َ ُ حّتى ي ُب ْعَ َ ساع َ ُ ما َوا ِ م ٌ عَ ِ جاُلو َ ث دَ ّ ة َ قو ُ م ال ّ واهُ َ ظي َ ة د َع ْ َ َ 4 ّ ّ َ سو ُ كَ ّ . ه ل الل ِ ريًبا ِ ذاُبو َ ه َر ُ م أن ّ ُ م ي َْزع ُ ُ ن ك ُلهُ ْ ن ث َلِثي َ م ْ ن قَ ِ و من هنا تظهر ضرورة العناية بدراسات مستقبلّية دعوّية ، يطلع عليها القائمون على المحاضن والساليب الدعوية ؛ ليستفيدوا منها ،ويبنوا عليها نشاطهم وتوجهاتهم .
1أهمية مبادئ الدارة في الدعوة ,بقلم :نبيل بن جعفر الفيصل, .www.aldawah.net 2أخرجه أحمد رقم ) ،103 /4 ( 16998والطبراني في مسند الشاميين رقم ) ، 2/79 ( 951والحاكم في المستدرك رقم ) 4/477 ( 8326 وقال :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. 3خ :المناقب )(3612 4خ :المناقب )(3609 26
المبحث الثالث :الدراسات المستقبلية و التخطيط للدعوة يصاب العديد من الناس بالحباط عندما ل يجدون الطريق الذي يقودهم إلى مستقبل واعد ،والمشكلة أن هؤلء مع أن الرغبة موجودة لديهم ،إل أنهم بكل بساطة ل يعرفون كيف ومن أين يبدؤون؟ وذلك لنه يفقد ميزة التخطيط الفعال.1 مل، التخطيط هو تصميم المستقبل المؤ ّ وتطوير الخطوات الفعالة لتحقيقه.2 ص في ومع أهمية دراسة المستقبل ,إل ّ أ ّ ن دراسة المستقبل اخت ّ دوائر البحث ومعاهده على دراسة أوضاع المجتمعات مالّيا وسياسّيا وعسكرّيا في الغالب ،وكان نصيب الجوانب الخرى أقل ما .ومن هذه الجوانب التي لم تو َ ما -مع ل اهتما ً عناية واهتما ً اختصاصها بالمسلمين -مستقبل العمل الدعوي ،والشأن الديني، والذائقة الدعوية. دا و الكنائس البروتستانتية تقوم بمثل هذه الدراسات ،وتبذل جه ً جه الذي كبيًرا لتضفي على نفسها صفة المستقبلية .و هذا التو ّ جد لدى الكنائس موجود لدى غيرها ،فإن مؤتمرات التبشير وُ ِ تطرح دائما ً أبحاثا ً ودراسات عما يجب أن يهتم به المبشرون و منذ مؤتمر التبشير العالمي عام 1910م حتى مؤتمر كلورادو الشهير عام 1978م فما بعده. ومن هنا فإن اجتماع المهتمين لبحث ودراسة مستقبل العمل الدعوي ،وما قد يعترضه ،والحلول المناسبة ،واختيار البديل المناسب ،والطرق التي ينبغي سلوكها ،والقوى التي يجب إعدادها ،عمل يستوجب القيام به للخروج بنظرة تعين الدعاة وتبصرهم بما يقومون عليه .تاريخ الدعوة و الدراسات المستقبلية في خدمة التخطيط للدعوة. ن ومثل هذا الستعداد الدعوي له شاهد من السّنة؛ فإ ّ النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معا ً ذا إلى اليمن قال" :إنك ما أهل كتاب ،فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إله تأتي قو ً إل ّ الله" فبيان النبي -صلى الله عليه وسلم -لمعاذ طبيعة المدعوين طريقة ليهيئ نفسه لهم بما يصلح لهم ،وترتيب ضا. الولويات الدعوية المناسبة نوع من ذلك أي ً 1التخطيط أول خطوات النجاح ,المؤلف ,James R.Sherman.Ph.D :الناشر: دار المعرفة للتنمية البشرية. 2المرجع السابق. 27
وقد جاء الشرع بعدة أخبار عن المستقبل وما يجب فيه ،وهذا تنبيه على استشرافه والستعداد له ،مثل ما جاء عن الدجال، ومدة مكثه ،واختلف طول اليام ،وكيفية الصلة إذا أدرك المرء ذلك الوان ،وإنما جاءت هذه الخبار ليستعد لها المؤمن بما يجب عليه حينها .1
1مستقبل العمل الدعوي بقلم :د .هاني بن عبدالله الجبير ,مجلة المنار الجديدwww.almanaraljadeed.com , 28
قائمة المراجع العامة: .1
) إطللة علي دراسات المستقبل(
عبد الرحمن المشيقح ,مكتبة العبيكان ,الريلض1421 , هـ. .2
)أساليب الدراسات المستقبلية(
تأليف :طارق عامر ,لناشر :دار اليازوري العلمية تاريخ النشر.2008 : .3
)الستشراف؛ مناهج استكشاف المستقبل(
تأليف:إدوارد كورنيش ,ترجمة ،تحقيق :حسن الشريف, الناشر الصلي ,world future society :الناشر :الدار العربية للعلوم, تاريخ النشر.2007 : .4
( التخطيط أول خطوات النجاح )
المؤلف ,James R.Sherman.Ph.D :الناشر:دار المعرفة للتنمية البشرية. .5
) التخطيط للدعوة السلمية(
علي محمد جريشة ,مطبوعات رابطة العالم السلمي, سلسلة دعوة الحق. ) .6التخطيط للدعوة السلمية :دراسة تأصيلية( عبدالمولى الطاهر المكي ؛ اشراف مصطفى مصطفى صيام1415 ,هـ 1995 ،م .7
) التخطيط للدعوة السلمية و اهميته (
عبدرب النبي علي ابو السعود ؛ تقديم محمد الحمدي ابو النور 1412 .هـ 1992 ،م. 29
) الدراسات المستقبلية ..مفهومها .8 أساليبها ( الدكتور طارق عبد الرؤف عامر. ) .9الدراسات المستقبلية السس والستراتيجيات( تأليف :على عبد الرزاق حلبى ,لناشر :دار المعرفة الجامعية تاريخ النشر.2000 : .10
)الدراسات المستقبلية /منظور تربوي(
تأليف :فاروق عبده فليه ،احمد عبد الفتاح الزكي, الناشر :دار المسيرة للطباعة والنشر ,تاريخ النشر: .2003 ) حول التاصيل السلمي للعلوم .11 الجتماعية( محمد قطب ,لناشر :دار الشروق تاريخ النش, .1998 .12
)كيف نمشف مستقبلنا في عالم متغير(
زكي الميلد ,مركز الثقافي العربي. ) .13فن التخطيط و اثره في حياة الداعية( يحيى عبيد ثماني الخالدي ,الناشر :دار القاسم للنشر, الطبعة :الولى ,سنة 142 :هـ. .14
)مجلة المستقبلية(
تصدر عن المركز السلمي للدراسات المستقبلية ,توزيع الفلح للنشر ,بيروت. ) .15مدخل إلى الدراسات المستقبلية في العلوم السياسية( 30
تأليف :وليد عبد الحي ,الناشر :المركز العلمي للدراسات السياسية تاريخ النشر .2002 :السلسلة :الكتاب العربي الجامعي التدريسي في العلوم السياسية. ) .16مناهج الدراسات المستقبلية وتطبيقاتها في العالم العربي( تأليف :وليد عبد الحي ,لناشر :مركز المارات للدراسات والبحوث تاريخ النشر.2007 : ) .17من معالم المنهجية السلمية للدراسات المستقبلية( د .هاني الجبير ,مجلة البيان ,كتاب البيان ,108الرياض, 1429هـ. ) .18نحو فهم المستقبلية( تأليف :ألن .ي .تومسون .ترجمة ،تحقيق :ياسر الفهد, الناشر :منشورات وزارة الثقافة تاريخ النشر.1983 :
) .19مستقبل المة و صراع الستراتيجيات( تقرير إرتيادي سنوي تصدر عن المجلة البيان ,الصدار ,6 الرياض 1430 ,هـ.
المراجع اللكترونية: .1
)الجامع الكبير(
لكتب التراث العربي و السلمي ,مركز التراث للبرمجيات الردن عمان ,الصدار الرابع 1429-1428 ,هـ. ) , CDموسوعة التقرير الستراتيجي لمجلة .2 البيان ,الصدارات ( 5 -1
31
1424هـ 1428 -هـ ,إنتاج :ماس للبرمجيات و نظم المعلومات1430 ,هـ 2009م.
32